الاثنين، 29 أكتوبر 2012

قراءة فى نصين مسرحيين مؤتمر ديرب نجم بقلم صادق ابراهيم عضو اتحاد كتب مصر

راءة فى نصين مسرحيين
بقلم : صادق إبراهيم صادق
عضو اتحاد كتاب مصر
أولا :المسرح الواقعي فى
" يا بان آدم "لـ " احمد عبدالسلام المليجي "

ينتمي النص المسرحي " يا بان آدم " لمؤلفة أحمد عبدالسلام المليجي إلى المسرح الواقعي والذي فقدناه كثيرا في السنوات الأخيرة، حيث لجأ المؤلفون الجدد إلى المسرح العبثي والرمزى والتجريدي ، وقبل أن ندخل إلى متن النص الواقعي " يا ابن آدم " لابد ان نعرف ان الواقعية في القرن العشرين كانت حقل صراع نقدي عنيف واختلفت مدلولاتها من نظرية أدبية إلى أخرى ففى بداية القرن نجد الروائية الإنجليزية " فرجينيا وولف .. تطلق على روايتها الجديدة التجريبية وصف الواقعية وتشن هجوما عنيفا على ما أسمته بالواقعية المزيفة التي يقتنع بها بعض الكتاب الواقعيين في عصرها ، وفى ثلاثينيات القرن الماضي ينشب جدل عنيف بين بريخت وجورج لوكاتش حول تفسير معنى الواقعية في الفن فيدين لوكاتش النزعة التجريبية فى الفن باعتبارها مناهضة للأسلوب الواقعي بينما يؤكد بريخت أن الواقعية تتطلب التجريب الدائم في التشكيل الفني حتى تستطيع أن تعبر بصدق عن الواقع باعتباره عملية دائمة التحول ن وحديثا نجد ناقدا كبيرا يعرف الواقعية بأنها التناول الوجداني للعالم المحسوس الذي يبتعد عن الشطحات الفردية والعوالم اللامرئية ويعمل فيه الخيال وفى وفى اتساق تام مع عالم المحسوسات، وعلى طرف النقيض يؤكد لنا الناقد والفيلسوف الفرنسى" رولان بارت " أن أكثر الروايات واقعية لاتحيل إلى مدلول واقعي خارجها. ويؤازره " ستيفن هيت " ضمنا حين يهاجم الواقعية كما مارسها كتاب الرواية فى الغرب فى القرن التاسع عشر ويصفها بأن تشكيل لغوي لا يعبر عن العالم المحسوس أو الواقع بقدر ما يعبر عن نمط سائد فى النظر إلى العالم وتعتبره يتصل بأيديولوجية مهيمنة دينية اقتصادية واجتماعية معينة .
وقد تتساءل لماذا أصبحت الواقعية التى رصد " اورباخ " تاريخها الطويل عبر ثلاثة آلاف عام فى كتابه " المحاكاة " حيث تكمن مصطلح الواقعية ن إنه يشبه المصطلحات النقدية الأخرى مثل الملحمية أو الغنائية فى أنه يشير إلى نوع ما أو نهج ما من الإبداع الفني لكنه يختلف عن هذه المصطلحات أيضا كما يبين " ستيفين هيث " كونه يتضمن إشارة قوية إلى شئ خارج العمل الفني إلى واقع ما يرتبط بالمنتج الفني في علاقة حميمة ، ويثير ارتباط العمل الفني بشئ خارجه فى كلمة الواقعية عادة العديد من التساؤلات التي تعرض لها الفلاسفة على مر التاريخ بدءا من ارسطو ، وفى القرن العشرين ازدادت التساؤلات حول علاقة الفن بالحياة . ولهذا فعندما نتحدث عن النص المسرحي " يا ابن آدم " لمؤلفه احمد المليجي كنص مسرحي ينتمي إلى المسرح الواقعي والاجتماعى نرى أنها تتكون من ثلاثة فصول متكاملة ودلالة الاسم " يا بان آدم " تدل على ان موضوع المسرحية يرتبط بالشمولية وترتبط بالواقع الأسري الذي يختص بأسرة معينة ، ولكن لى ملاحظة على الاسم ، فاسم " يا ابن آدم " اسم مجرد " ينتمي إلى الأسلوب الرمزي إلى حد ما ، حيث انه يدل على كل البشر وهنا أيضا نستطيع القول بأن المؤلف أراد أن يعبر عن مسيرة الحياة من خلال الأسرة الفقيرة ، ففي ص3 .. تفتح الستار على صورة خلفية لعائلة إبراهيم مع موسيقى حزينة والأب إبراهيم يجلس إلى الطبلية ومعه زوجته فاطمة وأولاده على وحسن وحنان ، وهم جميعا يتبادلون الفطار البسيط ، عيش وقطعة جبن وجرجير وملح وبجوارهم القلة المشطوفة .
من خلال هذا الوصف استطاع المؤلف أن ينقلنا إلى واقع هذه الأسرة التي تنتمي إلى الأسر الفقيرة من خلال الأدوات الفنية التى نقلها لنا حتى وجبة الإفطار- جبن ،جرجير ، ملح ، القلة المشطوفة ، وحتى أسماء الشخصيات والأسرة حدد ملامحها .
إن هذا اللوصف الفني لا يكمن في صدق محاكاته للواقع ، ولكن تميزه الفني يكمن في قدرته على إيهامنا بأنه يقدم لنا مادته الخام – عناصر الواقع – كما هي ، وهكذا يبدو فى ظاهره بسيطا وسهلا للغاية ، لكنه فى حقيقة الأمر صعب وممتنع ، فالكتّاب الواقعيون عموما يمكن تقسيمهم إلى فئات وفق درجات الإبداع في ضوء نظرية " ريتشارد بيرس " فى تحليل العلامات ن فإذا اعتبرنا العمل الفني نسقا من العلامات الدالة فسنجد على أدنى مستويات سلم الإبداع من حيث هو خلق وتشكيل الكاتب الواقعي الذي يحاكي الواقع بصورة فوتوغرافية أي بلغة النقد الحديثة ، الذى يقيم نسقا من العلامات الدالة التى ترتبط ارتباطا أيقونيا بمدلول خارجي وسنجد أيضا الكاتب الذي يفرض على الواقع تفسيرا تعسفيا وسيخدم عناصر الواقع باعتبارها علامات يربطها ربطا إشاريا تعسفيا بدلالات يتم طرحها تقريرا إلى التقرير على درجة أعلى من السلم الإبداعي نجد الكاتب الواقعي الذي يمكن أن نسميه بالكاتب المجازي الذي يرتبط عمله كنسق من العلامات ارتباطا رمزيا بالعالم الخارجى وهذا الكاتب فى المسرحيات التى جرى العرف على تسميتها بمسرحيات الإسقاط ، أما على قمة سلم الإبداع فى مجال الواقعية فنجد الكاتب الذي لا يحتاج عمله حتى يتبلور معناه إلى أية إحالة خارجية بل يصبح فيه نسق العلامات هو المعنى ن ويعنى الكاتب أحمد عبدالسلام المليجي إلى هذا النوع الأخير من الكتاب فهو يبدو فى ظاهره أيقوني النزعة اي يحاكى الواقع فوتوغرافيا رغم أن الصورة الفوتوغرافية فى التحليل السيموطيقي للعلامات قد اصبحت علامة معقدة لكنه فى حقيقة الأمر لا يصور بقدر ما يبدع عالما قائما بذاته ، ويصور هذا الحوار ص5 بين إبراهيم وزوجته فاطمة والعالم الذي يحيط بهم
إبراهيم : هو فى ايه يا أم علي
فاطمة : مفيش حاجة يا اخويا ، انت كنت بس دايخ شويه ولما خت البرشامة ونمت لك شويه .. الحمد لله بقيت حلو أهو ، ربنا ما يحرمناش منك يا أبو علي .
إبراهيم : ولا يحرمنيش منك يا أم على يا غالية .. الله هو فى ايه يا ولاد ، مالكم زعلانين كده ليه .. انا حلو أهو والحمد لله
الأولاد : مفيش حاجة يا ابه بس احنا ما بنحبش نشوفك تعبان .. ربنا يخليك لينا يا با ولا يحرمناش أبدا منك .
من هذا الحوار نستطيع أن نستشف واقع الأسرة المصرية من خلال هذه الأسرة التي تخاف على عائلها وتحاول التخفيف عنه بكل السبل ويدور الحوار بعد ذلك بحلم الأب والأم بأن يريان أولادهما كبارا كمهندس أو سفير أو دكتور ، وجاء متعاقبا ومملا بعض الوقت ،ومكرر فى كثير من الأوقات ، تأكيدا منه بأنه مصمم على الحلم الذي يراود هذه الأسرة .
ففي ص11 نجد نفس المعنى في ص6
إبراهيم : ( يضم حنان إلى صدره ويطبطب عليها ويقبلها ويقول :
مفيش حاجة يا حنان يا بنتي أنا بس تعبان شويه ، عندي السكر والحمد لله على خفيف ما تخديش فى بالك انا أحسن من غيري بكتير .. كل اللى يهمنى انتوا يا ولادي انتو نور عينى وانتو فرحتى وأمل بكره انتو ... )
لاحظ التكرارات فى المعنى ولكن بمفردات مختلفة
الباب يدق : دق .. دق .. دق
هنا يقع المؤلف في مأزق ، حيث جعل الباب شخصية أيضا فلماذا لا يضعها بين قوسين كعلامات للمخرج ، وتتكرر هذه العبارة كثيرا وفى أكثر من موضع ص6 .
يدق الباب : دق .. دق .. دق
والمؤلف هنا ياتى ببعض الشخصيات النمطية الموجودة فى القرية المصرية كشخصية سعاد التي تحكي مأساة ابنها الذي سافر للخارج بعد أن باعت كل ما لديها ن وهناك مونولوج طويل جدا تحكي مأساتها ومأساة ابنها إلى أم على لتكون على مستوى أفقى مع مشكلة أم على ألا وهو الفقر.
وأيضا ص17 مشكلة الأنفار التي هاجرت إلى الخارج والتي يبحث عنها العمدة ن ولكن المؤلف ينهي هذا الحوار بأغنية أنها تجسد هذا المعنى بكثير :
إبراهيم : أيوه يا شيخ البلد خلاص كبر الولد
النفوس اتغيرت والغلابة ادمرت
والوحوش عمرت وكتيره فى البلد
ويا عالم ايه بكره حنلمه ولا حفرة
يا خوفي من بكره انا خايف ع البلد
ويأتي الفصل الثاني بعد مرور زمن نلاحظ كبر الأولاد ونجاحهم ودخولهم الجامعة ، لتظهر بعض الشخصيات الجديدة لتبارك لهم وأيضا لا ينسى المؤلف فى وسط هذه الأحداث أن يأتى لنا بمشكلة أخرى وهى مشكلة الابن الذي يتطاول على أبيه لدرجة أنه يصفع أبيه وسط الناس ص35 .
خليفة : وهى بتحبك
رجب : أكيد بتحبني
خليفة : جبت اكيد دى منين يا ابن حفيظة ، صحيح اللى اختشوا ماتوا يا بنى حكم عقلك انت فين وهى فين . ( رجب فقد أعصابه ويرفع يده على أبيه خليفة ويقول له بصوت عال )
رجب : أنت خليت فيه عقل أنا لازم أخطبها
والمؤلف لكونه شاعر أيضا فيتغلب الشاعر على المؤلف فى بعض المواضع ، ولا يكون الشعر فى مصلحة النص ، فيتحول الابن فجأة ويندم فيقول :
( لألأ .. انا رفعت صوتي على أبويا بس / لكن ما رفعتش ايدي / ومن يومها ما بشوفشى الشمس / وليلاتى دموعى على إيدي / وكل يوم ضميرى يقتلني ) .
وينتهي الفصل الثاني بسفر الأولاد إلى مصر ليحتلوا مراكز مرموقة وينسون واجبات الأسرة وذويهم .
ويأتى الفصل الثالث محملا بالدروس المستفادة التى ساقها المؤلف من القرآن الكريم لهجر الوالدين بأسلوب مباشر جدا ، أختلف معه حيث يعطى لنا من خلال الحوار التطهير الدرامي لعقوق الوالدين ، فأصبحت البنت حنان دكتورة وتتزوج من دكتور ويهتمان بالوالدين بعيدا عن الأولاد ، وفى مشهد فجائي كأفلام السينما المونودراما نلاحظ وصول الأبناء فى حالة يرثى لها ص71 .
حنان : لأ يا امه مش سائل دا المهندس على وحسن .. اتفصلوا يا بهوات
يدخل على وحسن على أمهم ويقبلوها وهم يبكيان طالبين منها السماح ويقول : ) ويتغلب الشاعر على المؤلف هنا أيضا .. فيصبح الحوار شعرا بين على وحنان .
ولا ينسى المؤلف في آخر النص أن يعطى الحل الأمثل لعلاج الأب ففى ص74
حنان : لا يا باش مهندس علاجهم عندكم أنتم دواهم حنانكم انتوا .. وجودكم معاهم .. لكن مات فيكم الضمير
على : كفاية يا دكتور .. كفاية
وفى آخر النص ص75 يموت الأب فى حجرته بعيدا عن أولاده وكان هنا فاصلا عندما دخلت حنان وزوجها الدكتور فقط وحيدا ولم يمنح الأبناء فرصة الدخول لرؤية أبيهم ، وهذه مفارقة متميزة من المؤلف
فاطمة : خير يا دكتورة حنان .ز خير يا دكتور عبدالله
عبدالله : إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم اجعلنى من الصابرين
وينهى المؤلف نصه المسرحي بأغنية يا ابن آدم
بينما جاء الغلاف دالا على الأسرة الفقيرة من خلال اللوحة ، ويوجد إعلان عن المتحف الخاص للشاعر والأديب أحمد عبدالسلام وهو ما لا يتناسب مع النص المسرحى بل إقحام عليه ، وفى النهاية نجد كلمة تقديم للروائى محمود الديداموني ص78 .
نصيحتى للمؤلف أن يبتعد عن المباشرة التى تفقد هوية أى نص مسرحى .
ولكنى أقول أن مسرحيته تتولد فيها طبيعة التشكيل الفنى واللغوي وفى ضوء هذه الحقيقة يمكننى أن أطلق صفة المسرح الواقعي على نص يا ابن آدم لمؤلفه أحمد عبدالسلام المليجي .

ثانيا :عبدالله مهدي وفن المونودراما

عودة النوق العصافير مونودراما من تأليف عبدالله مهدي صادرة عن سلسلة خيول أدبية – قصور الثقافة – 2009 مع نص آخر هو " عودة أصحاب الرؤوس السود .

المونودراما والمونولوج :
كلمة Monodrama هى كلمة يونانية تنقسم إلى Mono وتعنى وحيد و " Drama " وتعنى الفعل وهى اصطلاحا تعنى مسرحية الممثل الواحد بمعنى أن يقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد فقط وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالتها جنبا إلى جنب مع عناصر المسرحية الأخرى ، وفى بعض الأحيان يستعمل تعبير رديف وهو عرض الشخص الواحد One man show كما تشرحه الموسوعة البريطانية وهو حديث مطول لشخصية مسرحية ، فالمونولوج الدرامي هو أي حديث توجهه شخصية لشخصية أخرى فى المسرحية بينما المناجاة نوع من المونولوج الذى يقوله الممثل للجمهور مباشرة او يفصح عن أفكاره وما يجول فى داخله بصوت مسموع حين يكون وحيدا او حين يكون بقية الممثلين صامتين ،فثمة خلط يقع فيه الكثيرون بين المونودراما والمونولوج ، هذا الاختلاف يعنى بأن المونودراما نوع مستقل من أنواع المسرح بينما المونولوج هو جزء من المسرحية وليس نوعا منفصلا ، لذا يصبح للمونودراما أن تمتلك خصائصها ونظرياتها الخاصة وليس بالضرورة أن تكون خاضعة لاشتراطات المسرحية وإن تكن تأخذ منها بعض هذه الخصائص وتشترك معها فيها 0
وترتبط المونودراما بالأداء الفردي الذى يعتبر قديما قدم الإنسان ، فهى نتاج فن القول أو سرد القصص وهو فن له علاقة بوجود الإنسان وفعل من الأفعال التى يعبر فيها الإنسان عن كوامنه وينفس من خلال الاستماع إلى القصص أو سردها عن همومه وضجره ، ولكن المونودراما كفن ارتبط بارهاصات المسرح الأولى عند اليونانيين فمنذ نشاته اعتمد المسرح وبعد أن كان لا يعدو كونه طقوسا تعبدية على الممثل الذى انتقل مع المسرح اليوناني القديم من مرحلة السرد إلى مرحلة التمثيل مع أول ممثل فى التاريخ" ثيسبيس " والذي أخذ من اسمه المصطلح الإنجليزي Thcs Pian ويعنى ممثل أو مسرحى ، إذ يعد " ثيسبيس " مرجعا متطورا فى إعطاء المسرح نفحته الأولى والتى كان يحكى فيها حكايات يشد فيها شغف الجمهور غلى تلك التنويعة فى تقديم شخصيات مكانية من خلال الأقنعة والملابس والصوت والتكوين الجسماني ومن هنا فهو يعتبر المؤسس الأول لهذا النشاط ، فهو الذى نقل المسرح من إطاره الديني إلى الدنيوي ، فكان البذرة الأولى لما يعرف الآن بالمونودراما ، فهو يقدم مسرحياته وحيدا قبل أن يدخل أبو التراجيديا استحيلوس فى القرن الخامس الممثل الثاني على المسرح إضافة إلى الجوقة وكان الممثل الثالث قد استحدث فى المسرح على يد سوفوكليس ليخضع بعد ذلك قانون الكتابة والتمثيل للمثلين لثلاث قرون وانتهت الصيغة الحديثة للمونودراما بهذا التطوير الذى أحدثه اسخيلوس بكسر فردانية الأداء وبين هذا التاريخ والظهور الأول للمونودراما الحديثة ظهرت أشكال مسرحية تعتمد على الممثل الفرد مثل عروض الجونجلرز والذى كانت تقدمه بعض الفرق الجوالة وهو شكل من أشكال المايم من زمن الرومان إضافة إلى فن البانتومايم ، وهو أن يقوم ممثل واحد بأداء عمل درامي إيمائيا وعادة ما يكون عرضا منفردا .
والمونودراما الحديثة كما هى معروفة اليوم يعود تاريخ ظهورها كما تشير الدراسات غلى القرن الثامن عشر على يد الممثل والكاتب المسرحى ط جوهان كرستيان براندير "( 1735- 1799)، الذى اعاد الحياة لفن ثيبستين واستحضره فى مسرحياته التى كان يقدمها بنفسه وبشخصية واحدة بمرافقة الجوقة ، ويعود أول نص مسرحى يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسى جان جاك روسو، وكان ذلك عام 1760 وهو نصه بجماليون ولكن من أطلق مسمى مونودراما على نصه ( مود ) كان الشاعر الفريد تيسون فى عام 1855 ،لاحقا بدأت نصوص المونودراما تتكاثر ويرتفع لها الصوت فكتب تشيكوف نصه الشهير ( ضرر التبغ ) ووصفه بالمونولوج فى فصل واحد بينما كتب صمويل بكيث ( شريط كراب الأخير ) والذى اعتنى بالمونودراما ووجدها انسب الأشكال المسرحية للتعبير عن العينة والتى تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعى ، وكتب الفرنسى كوكتو نصه ( الصوت الإنساني )وكذلك كتب يوجين قبل الإفطار .
هذا الاحتفاء بفن المونودراما من قبل كتاب مسرحيين معروفين فتح الباب لتفعيل هذا النوع من الفن المنبعث من زمن الإغريق والاشتغال عليه من قبل كتاب ومخرجين وبالذات من ممثلين ، ويتجلى الاهتمام بهذا الفن عالميا بتخصيص مهرجانات تلتقى فيها الفرق التى تقوم على عروض المونودراما وأشهرها مهرجان ثيبيس العالمى للمونودراما فى ألمانيا الذى يقام سنويا .

عودة النوق العصافير هل حققت المونودراما وخاصيتها ؟
تقترب المونودراما من المسرحية العادية فى تقنية الكتابة من الوضعية الاستهلالية والوضعية الأساسية وحبكة رصينة وحدث صاعد وذروة وحدث متهاو وحل وتقترب فى الرؤى الإخراجية واشتغالات السينوغرافيا وفى تقنيات أداء الممثل إلا أنها تمتلك خصائصها التى تمايزها عن المسرحية متعددة الشخصيات وهذا لايعنى أن ثمة قوانين تحكم الكتابة المونودرامية أو تحكم تنفيذ العرض المونودرامي إلا أنه يمكن من خلال قراءة نص مونودرامي استنتاج خصائص هذه الكتابة .
1 - من حيث الموضوع : غالبا ما تكون موضوعات المونودراما مأسوية الطابع ناتجة عن تجربة ذاتية مريرة ، هذه المأسوية هى ما يفتح الأسئلة المصيرية والكونية والوجودية .
شخصية " مي " فى مونودراما عودة النوق العصافير شخصية منهزمة سيطر عليها خطيبها السابق ففى ص8 يقول : ( تدخل من الحجرة فى إعياء تام يحملها اثنان يضعانها على السرير ويتركانها ، فهى شخصية سلبية تسيطر عليها أمها ثم خطيبها ، ففى ص9 تقول : ( لقد فتحت عيني على شخصية أمى ... ملكة .. تأمر .. وعلى الرعية التنفيذ .. هكذا شبهتها لى .. )
وخطيبها يسيطر عليها سيطرة كاملة ويبدأ فى تعرية الشخاص امامها حتى يكون هو كيانها الروحي والمعنوى ففى ص10 ( ساعدتنى على أن يكون لى حياتى وحكمى قررت الخروج من قيظ أمى أخذتنى خطوة خطوة .. لم أطق بعدك .. الكل نظر إلى ..) .
2- الزمن : يكون الزمن فى المونودراما ملحمى البعد بمعنى ان يكون متعدد المستويات ، ويكون للزمن الحاضر النصيب الأكبر ويمكن أن تختلط المستويات دون تسلسل منطقي ، والزمن هنا متعدد المستويات حيث يكون فى الحاضر ثم يعود للماضى ففى ص14 ( تتذكر ... ) .
فى اليوم التالى سالنى : والدك لم يتحدث فى شئ هل له تحفظ على شئ .؟
بالعكس والدى من أكبر المتحمسين لك
سكت قليلا وقال : فهمت .. ربنا يسترها
ثم ترجع فى الزمن مرة ثانية إلى الحاضر ففى ص15 يقول ( تمد يدها وتقلب الكتب الموجودة على المكتب فنجد دفترا كبيرا مكتوب علي ثلاث مذكرات ) فمذكرات هى الماضى والحاضر والمستقبل فالزمن هنا متعدد المستويات .
3- المكان : متعدد المستويات فى المونودراما حيث تستحضر الشخصية الوحيدة ملامح الأمكنة خلال عملية التداعى الفكرى ، حيث استطاع عبدالله مهدى أن يحقق هذا الشرط حيث تختلف الأماكن فى الحديث عن علاقة مجدى بمجلس الإدارة وأصدقائه وفى صفحته نساء فى حياتي .
4 – اللغة : تميل لغة الحوار فى النص المونودرامي إلى السرد وصيغة الفعل الماضى لأنها تعتمد غالبا على تداعى الأفكار ، ففى ص17 يقول ( حكيت لى عن ناهد العضو فى اتحاد الطلاب والقيادية فى حزب وحدوى فى البداية حاولت استقطابك لحزبها كما حاولت التيارات السلفية ذلك .. لما سألتك .. كانت جميلة .
5- الشخصيات : يعتمد النص المونودرامى على شخصية واحدها يكون حضورها فعليا بينما يكون حضور بقية الشخصيات متى ما اعتمد الكاتب حضورها كمقترح لتجاوز الوحدانية مجازيا وهذا ما تحقق فى عودة النوق العصافير ، ففى ص7 .
مي : فى الخامسة والعشرين من عمرها .. وجهها شاحب وعيناها حزينتان .. شعرها طويل ناعم فكت ضفائره ترتدى ملسا وتنتعل خفا مناسبا للملس .. مدرسة لغة عربية .
هنا وصف كامل للشخصية ، وفى استدعائها لشخصيات الأم – مجدى – أصدقاء مجدى .
6- الصراع : يقوم الصراع فى بنية الحدث الدرامي على تنامى الحدث وتصعيده من خلال ما يخلقه من التصادم والتعارض بين أطرافه ليستولد الزمات حيث جوهر الدراما والصراع نوعان ، الصراع الداخلى ويتجلى فى الصراع بين الإنسان ونفسه وعواطفه ، والصراع الخارجى ويتجلى فى الصراع بين الإنسان وشخصية أخرى مضادة او مع الطبيعة وظواهرها او مع المحيط والمجتمع او مع قوى كبرى ( القدر – الموت – الزمن ).
وفى المونودراما تختزل كافة تجليات وأشكال الصراع فى الصراع الداخلى ، حيث تنمو حالة التداعى وتبرز الحالة الوجدانية . والبطل فى المونودراما يكون عرضة لكل أشكال الصراعات التى تواجه الإنسان .
وبالعودة للقاموس نجد أن " النوق العصافير " هى نوع من الإبل ، وهى نوق عنترة بن شداد وهى سلالة وهجين بنى عبس وموجودة ايضا لدى الرشايدة بالسودان وهم مشهورون بالفروسية خاصة سباق الإبل(الهجن ) . فماذا يقصد بالعنوان وهو بعيد كل البعد عن دلالة النص المسرحي ؟ وعبدالله مهدى بنصه المونودراما كاتب واسع الخيال وصاحب رؤية تمكنه من ضبط السرد والترهل الذى يمكن ان يتبع عن طبيعة اللغة فى هذا النوع من الكتابة ، وكاتب متمكن من تصعيد الحالة الدرامية بشخصية واحدة إذ يتحول الفعل التبادلى فى المسرحية متعددة الشخصيات إلى فعل ذاتي يقوم الكاتب أثناءه بتحفيز شخصية واحدة ويدفعها نحو التطور والنمو ويحدد ردود أفعالها أثناء نمو الحدث .
المونودراما تحتاج إلى كاتب شغله قضايا ذات اهمية يتناولها بعمق ومن خلال عملية الكشف الكامنة فى الصراع الداخلى التى تعيشه الشخصية والتى يجب ان تمتلك ديناميكيتها على الخشبة ، شخصية غير ساكنة تمتلك لغتها المسرحية بحيويتها والبعيدة عن الخطابات والشعارات ، نعم كتابة المونودراما تختلف عن كتابة النص متعدد الشخصيات ويمكن القول بأن النص المونودرامي أصعب فى الكتابة من النص المسرحى المألوف فهو نص يمتلك استثنائيته وخصائصه ن وهذا ما حققه المؤلف عبدالله مهدى فى مسرحيته المونودراما " عودة النوق العصافير "
المراجع :
1. مسرحية يا ابن آدم – أحمد عبدالسلام المليجي – دار الأجيال
2. تطوير الأداء الفني فى ادب المسرح العربى المعاصر – السعيد الورقى – دار المعرفة الجامعية 2002
3. المسرح الواقعى اسلوبه وكتاباته – مجلة المسرح – عدد 30
4. تجارب مسرحية – عبدالفتاح قلعة جى- الكويت – مجلة الكويت – عدد 215 سبتمبر 2001
5. المسرح فى الوطن العربى – د. على الراعي – عالم المعرفة
6. فنون الكوميديا من خيال الظل إلى نجيب الريحاني – القاهرة – كتاب الهلال – عدد 248 سبتمبر 1971
7. المسرح والتكنولوجيا الحديثة – صادق إبراهيم صادق 2001
8. التكامل الفني للنص المسرحي – الكس بوبوف – ت . شريف شاكر –دمشق – منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي 1976
9. عبدالله مهدى – عودة النوق العصافير – قصور الثقافة 2009
10. صادق إبراهيم صادق – المونودراما .. اشكالية التلقى – مجلة إبداع – العدد 10
11. فرحان بليل – النص المسرحى الكلمة والفعل 2003 – اتحاد الكتاب العرب
12. صمويل بكيث – شريط كراب الأخير – المسرح العالمى – الكويت – العدد 110
13. على أحمد باكثير – فن المسرحية من خلال تجاربى الشخصية – مكتبة مصر ط3 – 1985
14. د. نهاد صليحة – فن المونودراما – مجلة المسرح — مع د.صابر عبدالدايم و 4 آخرين.
قراءة فى نصين مسرحيين بقلم : صادق إبراهيم صادق عضو اتحاد كتاب مصر أولا :المسرح الواقعي فى " يا بان آدم "لـ " احمد عبدالسلام المليجي " ينتمي النص المسرحي " يا بان آدم " لمؤلفة أحمد عبدالسلام المليجي إلى المسرح الواقعي والذي فقدناه كثيرا في السنوات الأخيرة، حيث لجأ المؤلفون الجدد إلى المسرح العبثي والرمزى والتجريدي ، وقبل أن ندخل إلى متن النص الواقعي " يا ابن آدم " لابد ان نعرف ان الواقعية في القرن العشرين كانت حقل صراع نقدي عنيف واختلفت مدلولاتها من نظرية أدبية إلى أخرى ففى بداية القرن نجد الروائية الإنجليزية " فرجينيا وولف .. تطلق على روايتها الجديدة التجريبية وصف الواقعية وتشن هجوما عنيفا على ما أسمته بالواقعية المزيفة التي يقتنع بها بعض الكتاب الواقعيين في عصرها ، وفى ثلاثينيات القرن الماضي ينشب جدل عنيف بين بريخت وجورج لوكاتش حول تفسير معنى الواقعية في الفن فيدين لوكاتش النزعة التجريبية فى الفن باعتبارها مناهضة للأسلوب الواقعي بينما يؤكد بريخت أن الواقعية تتطلب التجريب الدائم في التشكيل الفني حتى تستطيع أن تعبر بصدق عن الواقع باعتباره عملية دائمة التحول ن وحديثا نجد ناقدا كبيرا يعرف الواقعية بأنها التناول الوجداني للعالم المحسوس الذي يبتعد عن الشطحات الفردية والعوالم اللامرئية ويعمل فيه الخيال وفى وفى اتساق تام مع عالم المحسوسات، وعلى طرف النقيض يؤكد لنا الناقد والفيلسوف الفرنسى" رولان بارت " أن أكثر الروايات واقعية لاتحيل إلى مدلول واقعي خارجها. ويؤازره " ستيفن هيت " ضمنا حين يهاجم الواقعية كما مارسها كتاب الرواية فى الغرب فى القرن التاسع عشر ويصفها بأن تشكيل لغوي لا يعبر عن العالم المحسوس أو الواقع بقدر ما يعبر عن نمط سائد فى النظر إلى العالم وتعتبره يتصل بأيديولوجية مهيمنة دينية اقتصادية واجتماعية معينة . وقد تتساءل لماذا أصبحت الواقعية التى رصد " اورباخ " تاريخها الطويل عبر ثلاثة آلاف عام فى كتابه " المحاكاة " حيث تكمن مصطلح الواقعية ن إنه يشبه المصطلحات النقدية الأخرى مثل الملحمية أو الغنائية فى أنه يشير إلى نوع ما أو نهج ما من الإبداع الفني لكنه يختلف عن هذه المصطلحات أيضا كما يبين " ستيفين هيث " كونه يتضمن إشارة قوية إلى شئ خارج العمل الفني إلى واقع ما يرتبط بالمنتج الفني في علاقة حميمة ، ويثير ارتباط العمل الفني بشئ خارجه فى كلمة الواقعية عادة العديد من التساؤلات التي تعرض لها الفلاسفة على مر التاريخ بدءا من ارسطو ، وفى القرن العشرين ازدادت التساؤلات حول علاقة الفن بالحياة . ولهذا فعندما نتحدث عن النص المسرحي " يا ابن آدم " لمؤلفه احمد المليجي كنص مسرحي ينتمي إلى المسرح الواقعي والاجتماعى نرى أنها تتكون من ثلاثة فصول متكاملة ودلالة الاسم " يا بان آدم " تدل على ان موضوع المسرحية يرتبط بالشمولية وترتبط بالواقع الأسري الذي يختص بأسرة معينة ، ولكن لى ملاحظة على الاسم ، فاسم " يا ابن آدم " اسم مجرد " ينتمي إلى الأسلوب الرمزي إلى حد ما ، حيث انه يدل على كل البشر وهنا أيضا نستطيع القول بأن المؤلف أراد أن يعبر عن مسيرة الحياة من خلال الأسرة الفقيرة ، ففي ص3 .. تفتح الستار على صورة خلفية لعائلة إبراهيم مع موسيقى حزينة والأب إبراهيم يجلس إلى الطبلية ومعه زوجته فاطمة وأولاده على وحسن وحنان ، وهم جميعا يتبادلون الفطار البسيط ، عيش وقطعة جبن وجرجير وملح وبجوارهم القلة المشطوفة . من خلال هذا الوصف استطاع المؤلف أن ينقلنا إلى واقع هذه الأسرة التي تنتمي إلى الأسر الفقيرة من خلال الأدوات الفنية التى نقلها لنا حتى وجبة الإفطار- جبن ،جرجير ، ملح ، القلة المشطوفة ، وحتى أسماء الشخصيات والأسرة حدد ملامحها . إن هذا اللوصف الفني لا يكمن في صدق محاكاته للواقع ، ولكن تميزه الفني يكمن في قدرته على إيهامنا بأنه يقدم لنا مادته الخام – عناصر الواقع – كما هي ، وهكذا يبدو فى ظاهره بسيطا وسهلا للغاية ، لكنه فى حقيقة الأمر صعب وممتنع ، فالكتّاب الواقعيون عموما يمكن تقسيمهم إلى فئات وفق درجات الإبداع في ضوء نظرية " ريتشارد بيرس " فى تحليل العلامات ن فإذا اعتبرنا العمل الفني نسقا من العلامات الدالة فسنجد على أدنى مستويات سلم الإبداع من حيث هو خلق وتشكيل الكاتب الواقعي الذي يحاكي الواقع بصورة فوتوغرافية أي بلغة النقد الحديثة ، الذى يقيم نسقا من العلامات الدالة التى ترتبط ارتباطا أيقونيا بمدلول خارجي وسنجد أيضا الكاتب الذي يفرض على الواقع تفسيرا تعسفيا وسيخدم عناصر الواقع باعتبارها علامات يربطها ربطا إشاريا تعسفيا بدلالات يتم طرحها تقريرا إلى التقرير على درجة أعلى من السلم الإبداعي نجد الكاتب الواقعي الذي يمكن أن نسميه بالكاتب المجازي الذي يرتبط عمله كنسق من العلامات ارتباطا رمزيا بالعالم الخارجى وهذا الكاتب فى المسرحيات التى جرى العرف على تسميتها بمسرحيات الإسقاط ، أما على قمة سلم الإبداع فى مجال الواقعية فنجد الكاتب الذي لا يحتاج عمله حتى يتبلور معناه إلى أية إحالة خارجية بل يصبح فيه نسق العلامات هو المعنى ن ويعنى الكاتب أحمد عبدالسلام المليجي إلى هذا النوع الأخير من الكتاب فهو يبدو فى ظاهره أيقوني النزعة اي يحاكى الواقع فوتوغرافيا رغم أن الصورة الفوتوغرافية فى التحليل السيموطيقي للعلامات قد اصبحت علامة معقدة لكنه فى حقيقة الأمر لا يصور بقدر ما يبدع عالما قائما بذاته ، ويصور هذا الحوار ص5 بين إبراهيم وزوجته فاطمة والعالم الذي يحيط بهم إبراهيم : هو فى ايه يا أم علي فاطمة : مفيش حاجة يا اخويا ، انت كنت بس دايخ شويه ولما خت البرشامة ونمت لك شويه .. الحمد لله بقيت حلو أهو ، ربنا ما يحرمناش منك يا أبو علي . إبراهيم : ولا يحرمنيش منك يا أم على يا غالية .. الله هو فى ايه يا ولاد ، مالكم زعلانين كده ليه .. انا حلو أهو والحمد لله الأولاد : مفيش حاجة يا ابه بس احنا ما بنحبش نشوفك تعبان .. ربنا يخليك لينا يا با ولا يحرمناش أبدا منك . من هذا الحوار نستطيع أن نستشف واقع الأسرة المصرية من خلال هذه الأسرة التي تخاف على عائلها وتحاول التخفيف عنه بكل السبل ويدور الحوار بعد ذلك بحلم الأب والأم بأن يريان أولادهما كبارا كمهندس أو سفير أو دكتور ، وجاء متعاقبا ومملا بعض الوقت ،ومكرر فى كثير من الأوقات ، تأكيدا منه بأنه مصمم على الحلم الذي يراود هذه الأسرة . ففي ص11 نجد نفس المعنى في ص6 إبراهيم : ( يضم حنان إلى صدره ويطبطب عليها ويقبلها ويقول : مفيش حاجة يا حنان يا بنتي أنا بس تعبان شويه ، عندي السكر والحمد لله على خفيف ما تخديش فى بالك انا أحسن من غيري بكتير .. كل اللى يهمنى انتوا يا ولادي انتو نور عينى وانتو فرحتى وأمل بكره انتو ... ) لاحظ التكرارات فى المعنى ولكن بمفردات مختلفة الباب يدق : دق .. دق .. دق هنا يقع المؤلف في مأزق ، حيث جعل الباب شخصية أيضا فلماذا لا يضعها بين قوسين كعلامات للمخرج ، وتتكرر هذه العبارة كثيرا وفى أكثر من موضع ص6 . يدق الباب : دق .. دق .. دق والمؤلف هنا ياتى ببعض الشخصيات النمطية الموجودة فى القرية المصرية كشخصية سعاد التي تحكي مأساة ابنها الذي سافر للخارج بعد أن باعت كل ما لديها ن وهناك مونولوج طويل جدا تحكي مأساتها ومأساة ابنها إلى أم على لتكون على مستوى أفقى مع مشكلة أم على ألا وهو الفقر. وأيضا ص17 مشكلة الأنفار التي هاجرت إلى الخارج والتي يبحث عنها العمدة ن ولكن المؤلف ينهي هذا الحوار بأغنية أنها تجسد هذا المعنى بكثير : إبراهيم : أيوه يا شيخ البلد خلاص كبر الولد النفوس اتغيرت والغلابة ادمرت والوحوش عمرت وكتيره فى البلد ويا عالم ايه بكره حنلمه ولا حفرة يا خوفي من بكره انا خايف ع البلد ويأتي الفصل الثاني بعد مرور زمن نلاحظ كبر الأولاد ونجاحهم ودخولهم الجامعة ، لتظهر بعض الشخصيات الجديدة لتبارك لهم وأيضا لا ينسى المؤلف فى وسط هذه الأحداث أن يأتى لنا بمشكلة أخرى وهى مشكلة الابن الذي يتطاول على أبيه لدرجة أنه يصفع أبيه وسط الناس ص35 . خليفة : وهى بتحبك رجب : أكيد بتحبني خليفة : جبت اكيد دى منين يا ابن حفيظة ، صحيح اللى اختشوا ماتوا يا بنى حكم عقلك انت فين وهى فين . ( رجب فقد أعصابه ويرفع يده على أبيه خليفة ويقول له بصوت عال ) رجب : أنت خليت فيه عقل أنا لازم أخطبها والمؤلف لكونه شاعر أيضا فيتغلب الشاعر على المؤلف فى بعض المواضع ، ولا يكون الشعر فى مصلحة النص ، فيتحول الابن فجأة ويندم فيقول : ( لألأ .. انا رفعت صوتي على أبويا بس / لكن ما رفعتش ايدي / ومن يومها ما بشوفشى الشمس / وليلاتى دموعى على إيدي / وكل يوم ضميرى يقتلني ) . وينتهي الفصل الثاني بسفر الأولاد إلى مصر ليحتلوا مراكز مرموقة وينسون واجبات الأسرة وذويهم . ويأتى الفصل الثالث محملا بالدروس المستفادة التى ساقها المؤلف من القرآن الكريم لهجر الوالدين بأسلوب مباشر جدا ، أختلف معه حيث يعطى لنا من خلال الحوار التطهير الدرامي لعقوق الوالدين ، فأصبحت البنت حنان دكتورة وتتزوج من دكتور ويهتمان بالوالدين بعيدا عن الأولاد ، وفى مشهد فجائي كأفلام السينما المونودراما نلاحظ وصول الأبناء فى حالة يرثى لها ص71 . حنان : لأ يا امه مش سائل دا المهندس على وحسن .. اتفصلوا يا بهوات يدخل على وحسن على أمهم ويقبلوها وهم يبكيان طالبين منها السماح ويقول : ) ويتغلب الشاعر على المؤلف هنا أيضا .. فيصبح الحوار شعرا بين على وحنان . ولا ينسى المؤلف في آخر النص أن يعطى الحل الأمثل لعلاج الأب ففى ص74 حنان : لا يا باش مهندس علاجهم عندكم أنتم دواهم حنانكم انتوا .. وجودكم معاهم .. لكن مات فيكم الضمير على : كفاية يا دكتور .. كفاية وفى آخر النص ص75 يموت الأب فى حجرته بعيدا عن أولاده وكان هنا فاصلا عندما دخلت حنان وزوجها الدكتور فقط وحيدا ولم يمنح الأبناء فرصة الدخول لرؤية أبيهم ، وهذه مفارقة متميزة من المؤلف فاطمة : خير يا دكتورة حنان .ز خير يا دكتور عبدالله عبدالله : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اجعلنى من الصابرين وينهى المؤلف نصه المسرحي بأغنية يا ابن آدم بينما جاء الغلاف دالا على الأسرة الفقيرة من خلال اللوحة ، ويوجد إعلان عن المتحف الخاص للشاعر والأديب أحمد عبدالسلام وهو ما لا يتناسب مع النص المسرحى بل إقحام عليه ، وفى النهاية نجد كلمة تقديم للروائى محمود الديداموني ص78 . نصيحتى للمؤلف أن يبتعد عن المباشرة التى تفقد هوية أى نص مسرحى . ولكنى أقول أن مسرحيته تتولد فيها طبيعة التشكيل الفنى واللغوي وفى ضوء هذه الحقيقة يمكننى أن أطلق صفة المسرح الواقعي على نص يا ابن آدم لمؤلفه أحمد عبدالسلام المليجي . ثانيا :عبدالله مهدي وفن المونودراما عودة النوق العصافير مونودراما من تأليف عبدالله مهدي صادرة عن سلسلة خيول أدبية – قصور الثقافة – 2009 مع نص آخر هو " عودة أصحاب الرؤوس السود . المونودراما والمونولوج : كلمة Monodrama هى كلمة يونانية تنقسم إلى Mono وتعنى وحيد و " Drama " وتعنى الفعل وهى اصطلاحا تعنى مسرحية الممثل الواحد بمعنى أن يقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد فقط وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالتها جنبا إلى جنب مع عناصر المسرحية الأخرى ، وفى بعض الأحيان يستعمل تعبير رديف وهو عرض الشخص الواحد One man show كما تشرحه الموسوعة البريطانية وهو حديث مطول لشخصية مسرحية ، فالمونولوج الدرامي هو أي حديث توجهه شخصية لشخصية أخرى فى المسرحية بينما المناجاة نوع من المونولوج الذى يقوله الممثل للجمهور مباشرة او يفصح عن أفكاره وما يجول فى داخله بصوت مسموع حين يكون وحيدا او حين يكون بقية الممثلين صامتين ،فثمة خلط يقع فيه الكثيرون بين المونودراما والمونولوج ، هذا الاختلاف يعنى بأن المونودراما نوع مستقل من أنواع المسرح بينما المونولوج هو جزء من المسرحية وليس نوعا منفصلا ، لذا يصبح للمونودراما أن تمتلك خصائصها ونظرياتها الخاصة وليس بالضرورة أن تكون خاضعة لاشتراطات المسرحية وإن تكن تأخذ منها بعض هذه الخصائص وتشترك معها فيها 0 وترتبط المونودراما بالأداء الفردي الذى يعتبر قديما قدم الإنسان ، فهى نتاج فن القول أو سرد القصص وهو فن له علاقة بوجود الإنسان وفعل من الأفعال التى يعبر فيها الإنسان عن كوامنه وينفس من خلال الاستماع إلى القصص أو سردها عن همومه وضجره ، ولكن المونودراما كفن ارتبط بارهاصات المسرح الأولى عند اليونانيين فمنذ نشاته اعتمد المسرح وبعد أن كان لا يعدو كونه طقوسا تعبدية على الممثل الذى انتقل مع المسرح اليوناني القديم من مرحلة السرد إلى مرحلة التمثيل مع أول ممثل فى التاريخ" ثيسبيس " والذي أخذ من اسمه المصطلح الإنجليزي Thcs Pian ويعنى ممثل أو مسرحى ، إذ يعد " ثيسبيس " مرجعا متطورا فى إعطاء المسرح نفحته الأولى والتى كان يحكى فيها حكايات يشد فيها شغف الجمهور غلى تلك التنويعة فى تقديم شخصيات مكانية من خلال الأقنعة والملابس والصوت والتكوين الجسماني ومن هنا فهو يعتبر المؤسس الأول لهذا النشاط ، فهو الذى نقل المسرح من إطاره الديني إلى الدنيوي ، فكان البذرة الأولى لما يعرف الآن بالمونودراما ، فهو يقدم مسرحياته وحيدا قبل أن يدخل أبو التراجيديا استحيلوس فى القرن الخامس الممثل الثاني على المسرح إضافة إلى الجوقة وكان الممثل الثالث قد استحدث فى المسرح على يد سوفوكليس ليخضع بعد ذلك قانون الكتابة والتمثيل للمثلين لثلاث قرون وانتهت الصيغة الحديثة للمونودراما بهذا التطوير الذى أحدثه اسخيلوس بكسر فردانية الأداء وبين هذا التاريخ والظهور الأول للمونودراما الحديثة ظهرت أشكال مسرحية تعتمد على الممثل الفرد مثل عروض الجونجلرز والذى كانت تقدمه بعض الفرق الجوالة وهو شكل من أشكال المايم من زمن الرومان إضافة إلى فن البانتومايم ، وهو أن يقوم ممثل واحد بأداء عمل درامي إيمائيا وعادة ما يكون عرضا منفردا . والمونودراما الحديثة كما هى معروفة اليوم يعود تاريخ ظهورها كما تشير الدراسات غلى القرن الثامن عشر على يد الممثل والكاتب المسرحى ط جوهان كرستيان براندير "( 1735- 1799)، الذى اعاد الحياة لفن ثيبستين واستحضره فى مسرحياته التى كان يقدمها بنفسه وبشخصية واحدة بمرافقة الجوقة ، ويعود أول نص مسرحى يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسى جان جاك روسو، وكان ذلك عام 1760 وهو نصه بجماليون ولكن من أطلق مسمى مونودراما على نصه ( مود ) كان الشاعر الفريد تيسون فى عام 1855 ،لاحقا بدأت نصوص المونودراما تتكاثر ويرتفع لها الصوت فكتب تشيكوف نصه الشهير ( ضرر التبغ ) ووصفه بالمونولوج فى فصل واحد بينما كتب صمويل بكيث ( شريط كراب الأخير ) والذى اعتنى بالمونودراما ووجدها انسب الأشكال المسرحية للتعبير عن العينة والتى تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعى ، وكتب الفرنسى كوكتو نصه ( الصوت الإنساني )وكذلك كتب يوجين قبل الإفطار . هذا الاحتفاء بفن المونودراما من قبل كتاب مسرحيين معروفين فتح الباب لتفعيل هذا النوع من الفن المنبعث من زمن الإغريق والاشتغال عليه من قبل كتاب ومخرجين وبالذات من ممثلين ، ويتجلى الاهتمام بهذا الفن عالميا بتخصيص مهرجانات تلتقى فيها الفرق التى تقوم على عروض المونودراما وأشهرها مهرجان ثيبيس العالمى للمونودراما فى ألمانيا الذى يقام سنويا . عودة النوق العصافير هل حققت المونودراما وخاصيتها ؟ تقترب المونودراما من المسرحية العادية فى تقنية الكتابة من الوضعية الاستهلالية والوضعية الأساسية وحبكة رصينة وحدث صاعد وذروة وحدث متهاو وحل وتقترب فى الرؤى الإخراجية واشتغالات السينوغرافيا وفى تقنيات أداء الممثل إلا أنها تمتلك خصائصها التى تمايزها عن المسرحية متعددة الشخصيات وهذا لايعنى أن ثمة قوانين تحكم الكتابة المونودرامية أو تحكم تنفيذ العرض المونودرامي إلا أنه يمكن من خلال قراءة نص مونودرامي استنتاج خصائص هذه الكتابة . 1 - من حيث الموضوع : غالبا ما تكون موضوعات المونودراما مأسوية الطابع ناتجة عن تجربة ذاتية مريرة ، هذه المأسوية هى ما يفتح الأسئلة المصيرية والكونية والوجودية . شخصية " مي " فى مونودراما عودة النوق العصافير شخصية منهزمة سيطر عليها خطيبها السابق ففى ص8 يقول : ( تدخل من الحجرة فى إعياء تام يحملها اثنان يضعانها على السرير ويتركانها ، فهى شخصية سلبية تسيطر عليها أمها ثم خطيبها ، ففى ص9 تقول : ( لقد فتحت عيني على شخصية أمى ... ملكة .. تأمر .. وعلى الرعية التنفيذ .. هكذا شبهتها لى .. ) وخطيبها يسيطر عليها سيطرة كاملة ويبدأ فى تعرية الشخاص امامها حتى يكون هو كيانها الروحي والمعنوى ففى ص10 ( ساعدتنى على أن يكون لى حياتى وحكمى قررت الخروج من قيظ أمى أخذتنى خطوة خطوة .. لم أطق بعدك .. الكل نظر إلى ..) . 2- الزمن : يكون الزمن فى المونودراما ملحمى البعد بمعنى ان يكون متعدد المستويات ، ويكون للزمن الحاضر النصيب الأكبر ويمكن أن تختلط المستويات دون تسلسل منطقي ، والزمن هنا متعدد المستويات حيث يكون فى الحاضر ثم يعود للماضى ففى ص14 ( تتذكر ... ) . فى اليوم التالى سالنى : والدك لم يتحدث فى شئ هل له تحفظ على شئ .؟ بالعكس والدى من أكبر المتحمسين لك سكت قليلا وقال : فهمت .. ربنا يسترها ثم ترجع فى الزمن مرة ثانية إلى الحاضر ففى ص15 يقول ( تمد يدها وتقلب الكتب الموجودة على المكتب فنجد دفترا كبيرا مكتوب علي ثلاث مذكرات ) فمذكرات هى الماضى والحاضر والمستقبل فالزمن هنا متعدد المستويات . 3- المكان : متعدد المستويات فى المونودراما حيث تستحضر الشخصية الوحيدة ملامح الأمكنة خلال عملية التداعى الفكرى ، حيث استطاع عبدالله مهدى أن يحقق هذا الشرط حيث تختلف الأماكن فى الحديث عن علاقة مجدى بمجلس الإدارة وأصدقائه وفى صفحته نساء فى حياتي . 4 – اللغة : تميل لغة الحوار فى النص المونودرامي إلى السرد وصيغة الفعل الماضى لأنها تعتمد غالبا على تداعى الأفكار ، ففى ص17 يقول ( حكيت لى عن ناهد العضو فى اتحاد الطلاب والقيادية فى حزب وحدوى فى البداية حاولت استقطابك لحزبها كما حاولت التيارات السلفية ذلك .. لما سألتك .. كانت جميلة . 5- الشخصيات : يعتمد النص المونودرامى على شخصية واحدها يكون حضورها فعليا بينما يكون حضور بقية الشخصيات متى ما اعتمد الكاتب حضورها كمقترح لتجاوز الوحدانية مجازيا وهذا ما تحقق فى عودة النوق العصافير ، ففى ص7 . مي : فى الخامسة والعشرين من عمرها .. وجهها شاحب وعيناها حزينتان .. شعرها طويل ناعم فكت ضفائره ترتدى ملسا وتنتعل خفا مناسبا للملس .. مدرسة لغة عربية . هنا وصف كامل للشخصية ، وفى استدعائها لشخصيات الأم – مجدى – أصدقاء مجدى . 6- الصراع : يقوم الصراع فى بنية الحدث الدرامي على تنامى الحدث وتصعيده من خلال ما يخلقه من التصادم والتعارض بين أطرافه ليستولد الزمات حيث جوهر الدراما والصراع نوعان ، الصراع الداخلى ويتجلى فى الصراع بين الإنسان ونفسه وعواطفه ، والصراع الخارجى ويتجلى فى الصراع بين الإنسان وشخصية أخرى مضادة او مع الطبيعة وظواهرها او مع المحيط والمجتمع او مع قوى كبرى ( القدر – الموت – الزمن ). وفى المونودراما تختزل كافة تجليات وأشكال الصراع فى الصراع الداخلى ، حيث تنمو حالة التداعى وتبرز الحالة الوجدانية . والبطل فى المونودراما يكون عرضة لكل أشكال الصراعات التى تواجه الإنسان . وبالعودة للقاموس نجد أن " النوق العصافير " هى نوع من الإبل ، وهى نوق عنترة بن شداد وهى سلالة وهجين بنى عبس وموجودة ايضا لدى الرشايدة بالسودان وهم مشهورون بالفروسية خاصة سباق الإبل(الهجن ) . فماذا يقصد بالعنوان وهو بعيد كل البعد عن دلالة النص المسرحي ؟ وعبدالله مهدى بنصه المونودراما كاتب واسع الخيال وصاحب رؤية تمكنه من ضبط السرد والترهل الذى يمكن ان يتبع عن طبيعة اللغة فى هذا النوع من الكتابة ، وكاتب متمكن من تصعيد الحالة الدرامية بشخصية واحدة إذ يتحول الفعل التبادلى فى المسرحية متعددة الشخصيات إلى فعل ذاتي يقوم الكاتب أثناءه بتحفيز شخصية واحدة ويدفعها نحو التطور والنمو ويحدد ردود أفعالها أثناء نمو الحدث . المونودراما تحتاج إلى كاتب شغله قضايا ذات اهمية يتناولها بعمق ومن خلال عملية الكشف الكامنة فى الصراع الداخلى التى تعيشه الشخصية والتى يجب ان تمتلك ديناميكيتها على الخشبة ، شخصية غير ساكنة تمتلك لغتها المسرحية بحيويتها والبعيدة عن الخطابات والشعارات ، نعم كتابة المونودراما تختلف عن كتابة النص متعدد الشخصيات ويمكن القول بأن النص المونودرامي أصعب فى الكتابة من النص المسرحى المألوف فهو نص يمتلك استثنائيته وخصائصه ن وهذا ما حققه المؤلف عبدالله مهدى فى مسرحيته المونودراما " عودة النوق العصافير " المراجع : 1. مسرحية يا ابن آدم – أحمد عبدالسلام المليجي – دار الأجيال 2. تطوير الأداء الفني فى ادب المسرح العربى المعاصر – السعيد الورقى – دار المعرفة الجامعية 2002 3. المسرح الواقعى اسلوبه وكتاباته – مجلة المسرح – عدد 30 4. تجارب مسرحية – عبدالفتا�


خ