الأحد، 20 مايو 2012

ص بحث عل الكتابة المسرحية في عصر الصورة د. أبو الحسن سلام


خص بحث
عل الكتابة المسرحية في عصر الصورة
د. أبو الحسن سلام
ف

* الهدف من البحث :
يستهدف هذا البحث الوقوف عند تعدد صور الفاعل المعرفي في رحلة التأليف المسرحي على اختلاف نزعات فعل الكتابة وتبايناتها الأسلوبية والتقنية ؛ كشفا أو استشفافا تحليليا أو تفكيكيا لدور إبداع المؤلف المسرحي في إماطة اللثام عن جمالية معالجته لقوى النفس البشرية الثلاث :( الشهوة – العاطفة- العقل ) ودورالفاعل الثقافي أو الحضاري في إحكام سيطرته عليها بما يوقظ الضمير الإنساني إن فشل في تغييره نحو توجيه الفعل الإنساني وجهة تنويرية مستقبلية لإحسان الحياة المشتركة للإنسان.

* إشكالية البحث:
- تتبدى في ضعف معالجات النص المسرحي في ترشيد العاطفة لفعل الشهوة وغياب توجيه العقل للعاطفة في خطاب النص المسرحي .
- تغوق عنصر الفرجة والإمتاع في البنية الكولاجية والبنية المتشظية لمعمار النص المسرحي علي الإقناع بخطاب النص المسرحي .

* ركائر البحث: يرتكز البحث على ركيزتين أساسيتين :
1- دور الفاعل الحضاري في تشكيل هوية خطاب النص المسرحي
2- جمالية معالجة النص المسرحي لقوى النفس البشرية في اتجاه إحسان الحياة الإنسانية المشتركة

• أولا: دور الفاعل الحضاري في تشكيل هوية خطاب النص المسرحي:

لقد كان للفاعل الحضاري دوره البارز في تحديد هوية خطاب النص المسرحي باعتبار المسرح فعل التعبير الاتصالي الحاضر تأثيرا وتأثرا في عمليات التواصل الإنساني في مسيرة التقدم ، ولقد تجلى الفاعل الحضاري متباينا تبعا لتباين ثقافة كل عصر. فمن المعلوم أن الإنسانية قد مرت بعدد من المراحل التي تحدد فيها مصير الإنسان ؛ ومن ثم تتعدد مراحل تعبيره المسرحي في وسائل وفنون سعى فيها نحو تحقيق ذاته في خضم صراع هويات الأمم في عالم الإنسان ؛ ومن تلك المراحل التي مر بها المسرح :
# مرحلة : توكيد امتلاك الآلهة لمصير الإنسان: ( المسرح القديم:فرعوني- يوناني)
# مرحلة توكيد امتلاك الإله الواحد لمصير الإنسان. ( المسرح الديني )
# مرحلة توكيد امتلاك خليفة الله (حاكماً – كاهناً – مالكاً) لمصير الإنسان: ( مسرح عصر النهضة – مسرح الكلاسيكية الجديدة - ق:17 - )
# مرحلة توكيد امتلاك الإنسان لمصيره : ( المسرح الحديث _ قبل الحربين
العالميتين الأولى والثانية . )
# مرحلة امتلاك الآلة لمصيره: ( المسرح المعاصر في النصف الثاني من القرن
العشرين )
# مرحلة امتلاك الأيديولوجيا لمصيره: ( النصف الثاني من القرن العشرين )
# مرحلة إمتلاك الوسائل المعلوماتية والمعرفية لمصيره:( عصر العولمة وعسكرتها)
ومعنى هذا أن مصير الإنسانية واقع على مر العصور تحت عربة الفاعل الحضاري وأثره في ثقافات الأمم على اختلاف مصدره : ( دينيا – فلسفيا – قانونيا – بحثيا – أيديولوجيا – تكنولوجيا – معلوماتيا ) فهو متباين الوجهة والأثر ما بين أمة وأخرى.

# الفاعل الحضاري وأثره الثقافي :
عند الفراعنة : تمثل فيما يمليه الكاهن أو الفرعون نيابة عن آلهته (تلقينيا دينيا)
عند اليونان : تمثل في ما ينتهي إليه الحوار مع الآخر لتحقيق النفع العام (فلسفيا تفاعليا)
عند الرومان : تمثل فيما يمليه القانون (قانون النخبة وقانون المواطنة) (إلزاميا)
في العصر الوسيط : تمثل فيما يمليه فهم الكهنة للدين (تلقينيا جبريا)
في عصر النهضة : تمثل فيما يمليه الاستدلال الاستنباطي أو التجريبي (كشفي)
في العصر الحديث : تمثل فيما تمليه الأيديولوجيا والآلة (طوعيا التزاميا)
في عصرنا العولمة : تمثل فيما ما تمليه الميديا واحتكار المعرفة وإنتاجها وعسكرتها (قهريا).

# الفواعل الحضارة والمدنية والثقافية:
تتعدد المهام مابين فواعل الحضارة والمدنية والثقافية وتتجلى مظاهرها وآثارها في الاختراعات العلمية والتكنولوجية وفي إبداعات الفنون ؛ فلكل منها مهامها وميادينها ومنظوماتها وفق المنظور الفكري أو الفلسفي الذي انطلقت منه ؛ لتلبي حاجات حياتية ومصيرية متباينة . وهي مهام يتوجب على الكاتب المسرحي إدراك ما بينها من تباينات و توافقات أو تقاطعات :
مهمة الحضارة : صنع الخلود.
مهمة المدنية : صنع الرخاء والعدالة وقبول الآخر.
مهمة الثقافة : فهم الحياة البشرية وطرائقها.
مهمة الاختراع : سبق الآخر في تهيئة حياة أكثر تقدما.
مهمة الفن : البحث عما يجب أن يكون في اتجاه يقظة الضمير الإنساني.
مهمة السياسة : التهيئة لقبول الآخر بالحوار وفن التعامل مع الواقع الاجتماعي.
مهمة الفلسفة : فهم الكون وفهم دور الإنسان فيه . تفسير الكون وتفسير دور
الإنسان فيه .
مهمة العلم : تصحيح المعرفة وتصحيح نفسه .
مهمة التعلم : تعديل السلوك الإنساني في اتجاه إحسان الحياة المشتركة.
مهمة المعرفة : تراكم الخبرات المكتسبة .
مهمة علم الاجتماع : إدراك علاقات الأفراد والجماعات لفهم الآخر والتعامل معه.
مهمة علم النفس : فهم دوافع النفس البشرية.
مهمة المؤرخ : رؤية أثر الحقائق .
مهمة العالم : رؤية مكنون الحقائق لا ما ينبغي أن يكون فيها .
مهمة الفنان : رؤية الحقائق التي تخفي على العالم وما ينبغي أن يكون فيها.
مهمة الدراما : تصوير المحصلة المعرفية للحياة البشرية وإعادة إبداعها عبر شكلين أدبيين عالميين أهدتهما الحضارة اليونانية العظيمة للإنسانية:
التراجيديا : مهمتها توكيد امتلاك المرء للكرامة مع الشهادة له بالنبل حيا وميتا حضا على لتمثل به .
الكوميديا : مهمتها توكيد عدم امتلاك المرء للكرامة مع الشهادة على دناءته حضا على نبذ ذلك.
مهمة فنان المسرح : خلق أنماط وشخصيات درامية ؛ تحمل معنى الشمول مع أنها من خلق فنان متفرد.
وتبعا لما تقدم يمكن الوقوف عند تعدد صور الفاعل المعرفي في رحلة التأليف المسرحي على اختلاف نزعات فعل الكتابة وتبايناتها الأسلوبية والتقنية ؛ كشفا أو استشفافا تحليليا أو تفكيكيا لدور المبدع المسرحي في إماطة اللثام عن جمالية معالجته لقوى النفس البشرية الثلاث ( الشهوة – العاطفة- العقل ) والدور الثقافي أو الحضاري في إحكام سيطرته عليها بما يوقظ الضمير الإنساني إن فشل في تغييره نحو توجيه الفعل الإنساني وجهة تنويرية مستقبلية لإحسان الحياة المشتركة للإنسان.

أهم نتائج البحث

1- العلم يساند العلم في مواجهة الجهل كما أن العلم يصحح بعضه بعضا ، فليس من العلم ما هو جامد أو ثابت طالما هناك عقل حائر ، يحمله إنسان يعيش حالة خطر لا ينتهي . وليس هناك من يعيش لحظات الخطر الدائم أكثر من مبدع يعيش منفيا خارج وطنه سواء أكان ذلك بإرادته أم كانت نتيجة قهر سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.
2- يعيش المبدع حالة تجريب مستمر ، لأن الحيرة لا تتوافق مع الركون إلى خط واحد مستقر ، والخطر يضطر المبدع المفكر إلى أن يغامر، مجربا الخوض في مجاهل أخيلة لم يطأها إدراكه من قبل ، بل لم يتلامس معها خيال مبدع قبله ؛ فوراء كل خيال مبدع رصيد ثقافي وحضاري يشف عن هويته .
3- مهمة الفنان : رؤية الحقائق التي تخفي على العالم وما ينبغي أن يكون فيها.
4- مهمة الدراما : تصوير المحصلة المعرفية للحياة البشرية وإعادة إبداعها عبر شكلين أدبيين عالميين أهدتهما الحضارة اليونانية العظيمة للإنسانية:
5- التراجيديا : مهمتها توكيد امتلاك المرء للكرامة مع الشهادة له بالنبل حيا وميتا .. حضا على التمثل به .
6- الكوميديا : مهمتها توكيد عدم امتلاك المرء للكرامة مع الشهادة على دناءته حضاعلى نبذ ذلك.
7- مهمة فنان المسرح : خلق أنماط وشخصيات درامية تحمل معنى الشمول مع أنها من خلق فنان متفرد.
وهي – أرادة الكاتب أم هي إرادة لاوعيه مهمة سياسة أيضا ؛ للتهيئة لقبول الآخر بالحوار وفن التعامل مع الواقع الاجتماعي ؛ كما أنها مهمة فلسفية مسلحة بفهم الكون وفهم دور الإنسان فيه من منظور مثالي. وفق نظرية المحاكاة أو بتفسير الكون وتفسير دور الإنسان فيه من وجهة نظر دياليكتيكية جدلية مادية وفق نظرية التغريب أو الحكي .

8- تتناغم مدارس كتابة النص المسرحي في توظيف أساليبها المتباينة ونقنياتها وفقا للبنية الابستمولوجية بحيث لا يفهم خطاب النص المسرحي فهما جزئيا خارج وضعيته أو بنيته داخل المنظومة الكلية للنص ، ذلك أن إحكام قبضة الفاعل المعرفي على مسيرة خطاب النص ؛ يفرض نسقا أسلوبيا متلائما مع مضامينه ؛ فإذا توحدت ذات المؤلف مع خطابه المسرحي المتوحد مع نسقه الأسلوبي ؛ كنا أمام نص مسرحي تقليدي ؛ بصرف النظر عن تقيده بأرشيف الحقيبة الأرسطوية أو بصدى ترددات توابعها .

9- سواء انطلقت كتابة النص المسرحي أو إبداعاته من حالة هيمنة خاصة بالكاتب نفسه أوانطلقت من شخصية أو من حدث أو من فكرة عبر استلهام تاريخي أو فلسفي أو تراثي محمول على أجنحة الصراع في أحد مستوياته الصاعدة على نهج إبسن ( حيث يتعادل رد الفعل مع الفعل ) أو ساكنة على نهج تشيخوف ( حيث يبدو رد الفعل أقل من الفعل ) أو واثبة على نهج جورج برنارد شو( حيث يكون رد الفعل أكبر من الفعل) أو مرهصة على طريقة الكتابة الحداثية وما بعدها (دادية – سيريالية – عبثية – واقعية سحرية )
10- تتأثر الكتابة المسرحية التي تتوزع معرفة مبدعها علوم الأحياء والنفس والاجتماع والفيزياء والأنثربولوجيا والرياضيات ؛ تتأثر بتفاعل تلك المعارف التي سكنته؛ وحالت دون توحد خطابه مع هوية محددة الدلالة .

11- تتعدد دلالات خطاب النص المسرحي الواحد ؛ تبعا لتداخل الأنساق الأسلوبية وتقنياتها البنيوية الحداثية منها أو ما بعد الحداثية.

12- يكشف النص الحداثي وما بعد الحداثي عن عورته دون خجل من فجواته فتتداخل في بنيته الأنساق والأمكنة والأزمنة ؛ وتتشظى اللغة وتتعدد جنسياتهاوشخوصها في النص الواحد.
13- تتوالد الشخصية الدرامية الواحدة وتنقسم إلى ذوات متعددة مغتربة وانعزالية متناقضة ؛ فيصح تواجدها في مكانين أو أكثر في زمن واحد أو في هيئات من أزمنة متعددة جمعت جمعا اعتباطيا في مكان واحد دون سبب أو منطق – غالبا –
14- يسقط النص المسرحي الحداثي وما بعد الحداثي مفهوم (الثالث المرفوع ومبدأ التناقض ) الذي أجهد منطق أرسطو نفسه في محاولته تثبيته .

خلاصة البحث
مرت بنا الكثير من نماذج تلك نصوص تكشف عن (دور الفاعل الحضاري التاريخي أو التراثي أو الفلسفي أو الاقتصادي أو النفسي) على منصات المسارح؛ في إتجاه الكشف عن صور تفاعلات قوى النفس البشرية ، ( ودور العاطفة في كبح جموح الشهوة ودور العقل في كبح جموح العاطفة) وترسيخ مفهوم قبول الآخر في ظل مجتمع مدني.
ومن تلك النصوص والعروض - على سبيل المثال لا الحصر-
( ماكينة هاملت ) و(عطيل) و (كاليجولا) و(محمود مختار/ حلم نحات) و( نساء قاسم أمين) و( غيبوبة نجيب محفوظ) و( نيكسون .. نيكسون) و( بنات بيكاسو الأربعة ) ومسرحيته الثانية ( الرغبة ممسوكة من الذيل ) ومنها إعادة إنتاج مسرحيات كلاسيكية وفق منهج التدنيس على نحو ما فعل ييجي جروتوفسكي وتلك مجرد أمثلة من صور فعل الكتابة المسرحية للنص أو للعرض المسرحي المعتمدة اعتمادا كليا – أحيانا - أو جزئيا على ثقافة الصورة وفنونها بما تحمل من إلغاز وغموض محمولا على جماليات الإبداع والتخييل السينوجرافي المجدد للمشهدية المسرحية، في اتجاه الكشف عن فاعلية قوى النفس البشرية: ( الشهوة والعاطفة والعقل) عبر منعطفات تباديلها من مدخل الإمتاع وصولا إلى إقناع متلق لإبداع مسرحي قارئ لخطابه ؛ لا مقروء من متلقيه ؛ على نحو أسلوب كتابة بيكاسو لنصه المسرحي (البنات الأربعة الصغيرات) أو نصه ( الرغبة ممسوكة من الذيل ) عن طريق التشكيل بالكلمات ، وعلى نحو عروض المحرج المسرحي السينوجرافي " كانتور " أو " شاينا " واللبناني " وليد عوني" المتأثر بهما وبالفنان العالمي بيجار". عوني ".

عمان الندوة الرئيسية لمهرجان المسرح الأردني
في صباح الإثنين الموافق 14/نوفمبر 2011
· · 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق